مجلة داخلية دورية
للأعضاء والأنصار فقط
يصدرها حزب البعث
العربي الاشتراكي
العدد "3" يو نيو 2001م
الخرطوم
وجهة نظر
أخرى
عدنان محمد
أحمد / تنظيم النيل الأبيض
في واقع معقد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويهدد
وحدة بلادنا وتماسك نسيجها الاجتماعي ، في هذا الواقع مر حزب البعث في السودان بازمة
حادة استمدت مكوناتها الاولية من خلال الصراع الطبيعي بين امكانيات التطور الحزبي الفكري
والتنظيمي والسياسي وآلياتها من جهة وواقع التخلف الاقتصادي والاجتماعي من جهة أخرى
. ونتيجة للاختلال بين هذين الطرفين تعمقت الأزمة الحزبية ونتج عنها صراع معقد بين
قوى التطور والتجديد وقوى الركود والتخلف وتكلس وركود لازم العمل الحزبي في تفاعله
مع الواقع السوداني . وأخذ هذا الوضع حالتين متناقضتين داخل الحزب :
الأولى :
حالة استوعبت الخصائص العميقة للفكر القومي العربي واستندت عليه في البناء الحزبي والحركى
وربطتها بايمان عميق باهداف ومبادئ حركة البعث وبخصوصية التكوين السياسي والاجتماعي
والثقافي للواقع الوطني السوداني . ويبدو أن مكونات فكرة البعث لم تأخذ مداها الكامل
كحقائق فكرية وسياسية في الواقع لعدم استيعاب حقيقة الفكر كضرورة موضوعية لتطور الواقع
الوطني والقومي عامة .. لذلك كان هناك الذين تفاعلوا مع الفكر البعثي واكتشفوا اهميته
في حياة المجتمع واعتمدوا في ذلك علي تراث الأمة في استنهاض امكانياتهم وقدراتهم الفعلية
والكامنة للبناء والتطور الحزبي .
والثانية :
شملت الذين لم يستوعبوا الفكر البعثي ، فتحولوا الي عبْ اضافي يعيق التطور الحزبي العملي
، وذلك لعدم قدرتهم علي تجسيد حقيقة حركة البعث في سلوكهم وحياتهم اليومية . وبذلك
نقلوا امراض الواقع المتخلف الي داخل الحزب والنشاط الحزبي الداخلي .
إن أزمة حركة البعث في السودان ليست نتيجة لمعطيات
مرحلية شكلتها ظروف سياسية محددة ، بل هي نتيجة لعدم تلمس واكتشاف حقيقة الانتماء البعثي
وعدم التمييز بين الذين استوعبوا خصائصه ومكوناته والذين فشلوا في تجسيد ذلك في الحياة
الحزبية الداخلية . ولذلك لم يكن الصراع بين الطرفين صراع فكرى وسياسي ، بل أخذ الجانب
السلبي وارتبط بتطلعات ذاتية اعتمادا علي حرق المراحل في الصعود الي اعلي السلم الحزبي
. وهو أيضا لم يكن لرؤية موضوعية بقدر ماكان نتيجة لاشكالية الاستيعاب الكامل للفكر
البعثي وتفاعله مع الواقع الوطني وتجسيد ذلك في النشاط التنظيمي والسياسي والتطور الطبيعي
للكادر الحزبي في مجموعه . فإذا اخذنا مسألة الانتخابات واختيار القيادات الحزبية نجد
إنها يجب آن تعتمد أساسا علي الدور الحركي والنشاط العملي والمستوى الفكري وعمق التجربة
العملية والمواقف الصلبة والمستمرة الخ .. هذه المسألة يجب أن ترتبط بهذه المقاييس
وليس بأي عوامل ذاتية (استلطاف ، علاقات شخصية ، قرابة الخ ..) ومن هنا أهمية كل ذلك
في اختيار القيادات المجربة والمستوعبة للفكر البعثي . ويعني ذلك ضرورة عقد المؤتمرات
وتنشيط الحياة الحزبية الداخلية في كل الظروف . وذلك لانها ضرورية لتطور العمل الحزبي
في الاتجاه الطبيعي . والتذرع بالظروف الأمنية وغيرها يعني الاستهانة باحتياجات البناء
الحزبي ومتطلباته الفكرية والتنظيمية والسياسية . وبالتالي فتح الباب لصعود قيادات
هشة وغير مؤهلة . ومن هنا يبدأ دخول العمل الحزبي في مرحلة الأزمة والتناقض بين حقيقة
الحزب وواقعه العملي .
البدايات :
تختلف بدايات الدخول في مرحلة الأزمة عن تطوراتها
اللاحقة لذلك . وهذه البدايات ترجع الي فترة ما بعد انتفاضة مارس/أبريل 1985 ، حيث
شهد العمل الحزبي توسعا كبيرا نتيجة لوضوح فكره وتضحياته في مقاومة ديكتاتورية مايو
وتصديه لقوى بقايا مايو ممثله في الجبهة الإسلامية القومية وانفتاحه للعمل المشترك
مع القوى السياسية الأخرى من اجل انجاز برنامج قوى الانتفاضة وتكريس الديمقراطية وقطع
الطريق نهائيا علي الديكتاتوريات العسكرية والمدنية . وفي هذا الوضع وجد حزب البعث
نفسه أمام مسؤوليات وتحديات كبيرة تشمل استيعاب المرحلة السياسية وتنظيم الانصار والمؤيدين
الذين اتجهوا للارتباط به . ومع ضعف الكادر ومحدوديته وتشتت جهوده بين العمل التنظيمي
والثقافي الداخلي والعمل السياسي الواسع في تلك الفترة ، وفي هذه الظروف تشكلت بدايات
الأزمة الحزبية ، أي اختلال التوازن بين العمل الفكري والتنظيمي والسياسي . فقد أدت
ظروف تلك الفترة والتركيز علي العمل السياسي الي انهاك الكادر الحزبي المدرب والمجرب
ومن ثم الي تهميش واهمال البناء الحزبي الداخلي الفكري والتنظيمي . وبذلك لم يجد التوسع
في المؤيدين والانصار أي اهتمام مصاحب في المجال الفكري والثقافي كما لم يجد الكادر
المتقدم الاهتمام اللازم لتطوير امكانياته وقدراته . ومن هنا تشكلت حالة ضعف عام نتيجة
للانغماس في العمل السياسي واهمال البناء الحزبي الداخلي . وبرز ذلك بشكل خاص في ضعف
استيعاب الكتابات الحزبية الخاصة بالواقع السياسي وخصوصيات وضعية السودان ومشكلاته
المتفاقمة وفي مقدمتها مشكلة الجنوب وازمة الحكم وهويته العربية والأفريقية . ويضاف
الي ذلك حداثة تجربة الكادر الحزبي في العمل السياسي والديمقراطي العام وضعف التدريب
والتأهيل الحزبي ، وبحكم ضخامة المسؤليات السياسية مقارنة بالامكانيات كان الاستيعاب
والتركيز والتخطيط في غاية الضعف والتردى ، صحيح أن النشاط السياسي والديمقراطي العام
كان مردوده إيجابيا في مستوى العمل والتجربة والاحتكاك بالجماهير والقوى الأخرى . ولكنه
كان سلبيا في امكانيات استيعاب طلائع الانتفاضة وتطوير الكادر الحزبي المتقدم وذلك
لسببين هامين : الأول تمثل في ضعف القيادات الحزبية المسؤلة في المستويات المختلفة
. وهي مجموع الكادر المتقدم الذي تحمل مسؤليات العمل أثناء فترة نميرى . ومع أن هذا
الكادر كان يمتلك قدرات عملية مقدرة ، إلا أن ظروف العمل السرى ومحدودية هذا الكادر
لم تمكنه من تطوير نفسه فكريا وسياسيا والسبب الثاني تمثل في دخول مجموعات جديدة واسعة
الي داخل التنظيم الحزبي (طلائع الانتفاضة والمجموعات العائدة من العراق خاصة ) وذلك
دون أعداد فكرى وسياسي وتنظيمي .. ونتيجة لذلك تحولت هذه الحالة الي اشكالية كرست المفاهيم
المتخلفة في الحياة الحزبية الداخلية (غلبة المركزية والعمل التنفيذى وفقر الاجتماع
الحزبي واتساع العلاقات البلدية وبروز النزعات الانتهازية والمصلحية الخ ..) علي حساب
قوى التطور والتجديد . واتسعت هذه الحالة بدخول الحزب معركة انتخابات 1986 بعدد كبير
من المرشحين لا يتناسب مع حجمه وامكانياته الحقيقية ، مع ما صاحب ذلك من امكانيات مالية
كبيرة نسبيا . ورغم الايجابيات التي تحققت في ذلك ، فقد كانت السلبيات هي الأكثر والاوسع
داخل الجهاز الحزبي ووسط الجماهير والقوى الأخرى .
هذه الاشكالية هي البدايات الحقيقية للازمة الحزبية
، ففي هذه الفترة تشكلت علاقات وارتباطات ظهرت نتائجها لاحقا . وضعف التكوين الحزبي
الفكري والتنظيمي والسياسي ادى الي تكريس اسلوب التعيين في المراكز القيادية المختلفة
، خاصة أن الحزب فشل في عقد مؤتمره الحزبي طوال سنوات فترة الديمقراطية الثالثة دون
أسباب مقنعة .
نظام الإنقاذ والازمة الحزبية :
لاشك أن نظام الإنقاذ قد ادى الي القضاء علي التجربة
الديمقراطية وقطع الطريق علي اصلاحها وعلي عملية السلام الجارية وقتها . ومن ثم بدأ
في ممارسة كافة اساليب القهر والبطش والتعذيب في مواجهة قوى المعارضة ومن بينها حزبنا
حزب البعث ، وفي هذا الوضع الصعب شارك الحزب في مقاومة الديكتاتورية المتسترة بالاسلام
الحنيف بما يتناسب مع امكانياته وحجمه في إطار التجمع الوطني الديمقراطي . وكان الشارع
يتساءل عن دور البعثيين في المقاومة استنادا الي دورهم في فترة نميرى؟ هذا التساؤل
يعكس اهمية الحزب ورسوخه في الواقع السياسي الوطني ، ويعكس أيضا تقديرا كبيرا من قبل
الشارع والقوى الأخرى لفكره وامكانياته النضالية . ومع الالتزام بالعمل في إطار التجمع
الوطني الديمقراطي ، جاءت حركة 23 أبريل 1990 العسكرية المحسوبة علي الحزب ، بكل تفاصيلها
التي ادت الي إعدام اكثر من 28 ضابطا وضابط صف ، اكبر مجزرة في تاريخ السودان الحديث
، وبكل تأثيراتها السلبية في تكريس سلطة الجبهة وارهاب قوى المعارضة وفي التساؤلات
الكبيرة التي بدأت تنتشر وسط البعثيين ، وفي هذه الظروف شديدة التعقيد جاءت عملية دخول
القوات العراقية في الكويت بتداعياتها والتساؤلات المرتبطة بها ، وهنا بدأت تبرز بشكل
واضح الاشكالية التي ظل يعاني منها الحزب في الفترة السابقة (الفقرة السابقة) وبرز
ضعف الحزب وتآكل كادره الاساسي بشكل صارخ . إذ انه لم يستطع أن يدافع بشكل قوى عن موقف
العراق ولم يستطع أن يستنهض الحركة السياسية والشعبية وخلق حوار فاعل معها يؤدى الي
تماسك قوى المعارضة واتخاذ موقف متوازن من أزمة الخليج الثانية . وفي هذه الظروف التي
كان من الممكن أن يلعب فيها الحزب دورا إيجابيا في الحوار مع القوى السياسية الأخرى
والتأثير في موقفها من العراق ، قام الرفاق في الخارج بقطع علاقاتهم مع التجمع الوطني
في الخارج ومهاجمة موقف قواه السياسية واتهامها بالعمالة للاجنبي الخ .. بينما واصلت
قيادة الداخل دورها في تجمع الداخل باعتباره الإطار العام لكل قوى المعارضة بكل خلافاته
وعلاقات اطرافه المعروفة سلفا ، فهذا الإطار يمكنه استيعاب هذه الخلافات والتناقضات
بالحوار المشترك والاتفاق علي برنامج الحد الادني . وفي النهاية فان هذا الإطار يمثل
كل احزاب السودان الفاعله في الساحة . وهذه الحقائق لم تكن غائبه عن الحزب لانه شارك
بفعالية في تكوين التجمع الوطني نفسه . ولكن تلازم موقفه مع موقف الكويت ودول التحالف
الامريكي وتلازم موقف الحكومة مع موقف دول الحل العربي (الاردن ، اليمن ، الجزائر الخ
..) رغم أنه لم يكن موقفا حقيقيا ، لكل ذلك فضل رفاق الخارج الموقف الاقرب للعراق
.. وهذا يقودنا الي السؤال الذي طرحه عبدالعزيز الصاوى حول العلاقة بين عملية الكويت
وهدف الوحدة العربية (دراسة البعث تحت المجهر) والسؤال يركز علي نتائج العملية ولا
يناقش مكوناتها السياسية المرتبطة بحق العراق في الدفاع عن سيادته ومشروعه . وهو حق
مشروع اعلنه صدام حسين في مؤتمر القمة في بغداد صيف 1990 . والسؤال الهام هنا هو لمصلحة
من تلعب الكويت والسعودية ؟ وهكذا تتفاوت الحسابات العراقية والحسابات القومية . ومع
ذلك فالاقرب هو تناول الجزء الرئيسي في الأزمة الداخلية لانه يشمل العامل القومي في
المعالجه لحالة موضوعية تستوعب النتائج النهائية . وإذا كان العراق قد استوعب هذه المسآلة
، فان حزب البعث في السودان لم يستوعبها في علاقته مع القوى السياسية الأخرى . ولكن
رغم الاختلاف في الموقفين تظل النتائج واحدة . وهنا نسأل ما هو الدور الذي لعبه حزب
البعث في السودان أثناء وبعد أزمة الخليج الثانية ؟ حسب تقديرنا انه لم يلعب أي دور
تقريبا كما قلنا قبل قليل للاسباب المذكورة . بالعكس أدت أزمة الخليج الي كشف ضعفه
وازمته الداخلية وفضحت ارتباط بعض قياداته الوثيقه بالمؤسسة القومية والسلطة العراقية
. وحتى هنا يمكن الإشارة الي مغادرة معظم السودانيين المتواجدين في العراق للخارج ،
ولم يكتفوا بذلك ، بل استفادوا من برنامج التعويضات كمتضررين ، ومن بينهم عدد كبير
من البعثيين الذين كانوا هناك ، وذلك رغم وضوح هدف التعويضات لاضعاف العراق وتركيعه
. وهؤلاء هم الذين تدعمهم ألان المؤسسة القومية في وقت تكشفت فيه الحقائق واستوعبها
الكادر الحزبي في الداخل وغابت تماما عن هذه المؤسسة نتيجة اعتمادها علي تقارير ملفقة
لاتتناسب مع فكر واخلاقية حركة البعث . ويمكن الرجوع الي الوثائق التي اعدها الكادر
المتقدم في الداخل (ملف الأزمة ، ماذا حدث ولماذا حدث ، الرسالة المرسلة الي بدرالدين
مدثر الخ ..) وجميع هذه الوثائق تتناول الأزمة من الجوانب التنظيمية والادارية ولا
تتحدث عن الخلافات السياسية .
وهنا نطرح سؤالا هاما : ماهو دور المؤسسة القومية
في معالجة مشكلة الحزب في السودان ؟ من المسؤل عن الانقسام الذي حدث في نهاية 1997
؟ كيف تدير هذه المؤسسة ملف هذه المشكلة ؟ هل تعتبر (رسالة الحل الشامل) حلا نظاميا
؟ لماذا تجاهلت الاتهامات الموجهة للمجموعة المتكتلة ؟ لماذا لم تحاسبها ؟ لماذا قام
بدرالدين مدثر وحده أو بالاتفاق مع آخرين بنقل ملف الأزمة للمؤسسة القومية دون استشارة
ق/ط؟ هذه التساؤلات وغيرها يطرحها البعثيون السودانيون في كل مكان حتى داخل العراق
نفسه . لانها تشكل اساس الأزمة وتكشف حقيقة مواقف اطراف الصراع كما وردت في وثيقة
(ماذا حدث ؟ ولماذا حدث ؟) وإذا كانت (رسالة الحل الشامل) تمثل رسالة انقسامية في جوهرها
، فهناك شواهد أخرى عديدة تكشف هذه الحقيقة . ففي أول تصريح علني في جريدة الرأي العام
11/1998 ، أجاب محمد علي جادين علي سؤال حول الصراعات داخل حزب البعث بقوله (.. الصراعات
شأن داخلي يخص أهله والبعثيون قادرون علي معالجة مشاكلهم ..) لم يشير من بعيد أو قريب
للصراعات ولم يرسل الاتهامات للآخرين ، وفي يناير 1999 صرح بدرالدين مدثر لجريدة الراى
الآخر في أول تصريح علني له بقوله (.. اننا نعي طبيعة وحجم التشويش والتشويه الذي يمارس
ضد حزبنا ومواقفه القومية والوطنية ونعي دوافعه المعادية والوسائل والأدوات التي تعتمدها
تلك الجهات المعادية لهذا الغرض ، والتي إن اختلفت في توجهاتها الفكرية والسياسية فأنها
تتضامن في مسعي النيل من سمعة حزب البعث وأدائه . لذلك لا نستغرب أن تتبني جهة ما جماعة
من الأفراد لادراجها في التوالي السياسي باسم حزب البعث بينما تعمد جهة أخرى الحاق
جماعة ثانية بالتجمع الوطني الديمقراطي أو تتوالي معه وباسم حزب البعث أيضا ، فقد تختلف
الدوافع لدا هذه الجهة أو تلك وشكل التوالي حول هذا المحور أو ذاك ، لكن يبقي الاستهداف
واضح بالنتيجة ، إن قيادة حزبنا ، وعلي رأسها عثمان إدريس أبوراس ، نائب أمين السر
، قد عملت بمثابرة علي فضح هذا الاستهداف المزدوج بكل الوسائل وعلي التبصير بالموقف
المتميز لحزبنا من موقفه المستقل تجاه النظام والتجمع المعارض معا ..) هكذا قام بدرالدين
بتحويل المشاكل الداخلية الي منابر الصحف والي توزيع الاتهامات بالتأمر للحكومة والتجمع
معا .. وفي الوقت نفسه حدد (وكيله) في الخرطوم لمن يهمه الأمر ، لكنه تجاهل وجود الأزمة
وحقائق الصراع الداخلي . وبذلك أكد موقفه الانقسامي الذي تضمنته رسالة الحل الشامل
. وكل ذلك يشير الي ثلاث حالات .
1. 1.
إن رسالة الحل الموقت (4/1997) كانت مرحلة تمهيدية لتوسيع وتعميق الأزمة الحزبية والقفز
بعدها لانقسام يستند علي قرارات من المؤسسة القومية .
2. 2.
إن رسالة الحل الشامل (11/1997) كانت النتيجة المتوقعة بوقوف بدرالدين مع المجموعة
المتكتلة تحت ستار قرارات عليا وتعيين عناصرها في قيادة العمل الحزبي كقرارات غير قابلة
للمناقشة !! .
3. 3.
الرسالتان تؤكدان محاولة اظهار قيادات الداخل والكادر المتقدم في وضع غير المؤهل لقيادة
العمل الحزبي إلا عبر الاختيار والتعيين من قبل بدرالدين في الخارج . والتعيين يعني
أن يكون العنصر المعين مخلصا ومطيعا لمسؤله في الخارج وأن لا تتجاوز قدراته في الفهم
والمبادرة قدرات من عينه حتى يحافظ علي الموقع . وهذا الفهم يشبه ما يجرى في الخدمة
المدنية ، مع فارق أن موظفي الخدمة المدنية يخضعون لقانون الخدمة . أما هنا فالفصل
والتجميد يتم دون قانون ويحرم المفصولون والمجمدون من حقهم في الدفاع عن انفسهم . فعلي
ماذا استندت المؤسسة القومية وبدرالدين في قراراتهم بإعادة تركيب العمل الحزبي وفصل
قيادات كثيرة دون اتهامات ومحاسبة نظامية ؟ .
الخلاصة :
الأزمة في حدودها النهائية هي نتاج تراكمات سلبيات عديدة نتجت عن اشكاليات
محددة لم يتم التعامل معها بحسم وفقا للنظم والتقاليد التنظيمية المعروفة الأمر الذي
تسبب في نمو أمراض عديدة وصلت قمتها بانفجار الأزمة في 1997م.
التركيز علي العمل السياسي في فترة الديمقراطية الثالثة علي حساب العمل الفكري
والتنظيمي يشكل عاملا مهما في دخول مرحلة الأزمة وتفاقهما .
غياب الدور الكامل للطليعة البعثية الأولى التي قادت مرحلة التأسيس يشكل انقطاعا
بين الاجيال .
الأزمة في حد ذاتها ليست سلبية في نتائجها النهائية إذ يمكن تحويلها الي أزمة
نمو وتطور باستيعاب اسبابها الحقيقة وتركيز ايجابيات المرحلة السابقة وتجاوز سلبياتها
والبدء في تأسيس مرحلة بعثية جديدة .